(المقنع والهداية)، وتبعه شيخ الأمة ومفيدها (محمد بن النعمان) المتوفى عام 413 في (مقنعته)، وتلميذه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي المتوفى عام 460 في (نهايته).
ولما كانت متون هذه الكتب والمؤلفات مأخوذة من نفس الروايات والأصول، وقعت متونها موضع القبول من قبل الفقهاء فعاملوها معاملة الكتب الحديثية، وعولوا عليها عند إعوازهم إلى النصوص على اختلاف مشاربهم وأذواقهم، وكان سيدنا الأستاذ آية الله البروجردي المتوفى عام (1380 ه) يسمي تلك الكتب ب (المسائل المتلقاة)، وسماها بعض الأجلة ب: (الفقه المنصوص).
ومع أن هذا النمط من الفقه كان نمطا جديدا، وثورة على الطريقة القديمة السائدة طيلة قرون، فإنه لم يكن رافعا للحاجة وسادا للفراغ، لأن هناك حاجات وأحداث لم ترد بعينها في متون الروايات وسنن النبي (صلى الله عليه وآله)، وإن كان يمكن استنباط أحكامها من العمومات والاطلاقات والأصول الواردة في الكتاب والسنة، فعند ذلك يجب أن تكون هناك ثورة جديدة قوية تسد هذا الفراغ، وتغني المجتمع الاسلامي من الرجوع إلى غير الكتاب والسنة.
ولذلك قام في أوائل القرن الرابع لفيف من فقهاء الشيعة بإبداع منهج خاص في الفقه، وهو الخروج عن حدود عبائر النصوص والألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، أو عرض المسائل على القواعد الكلية الواردة في ذينك المصدرين، مع التحفظ على الأصول المرضية عند أئمة الشيعة من نفي القياس والاستحسان، ونفي الاعتماد على كل نظر ورأي ليس له دليل في الكتاب والسنة.
وهذا اللون من الفقه وإن كان سائدا بين فقهاء العامة، لكنه كان مبنيا على أسس وقواعد زائفة، كالعمل بالقياس وسائر المصادر الفقهية، غير المرضية عند أئمة الشيعة.
وأول من فتح هذا الباب بمصراعيه في وجه الأمة، هو شيخ الشيعة وفقيهها الأجل، الذي يعرفه شيخ الرجاليين، وحجة التاريخ بقوله: الحسن بن علي بن أبي عقيل أبو محمد الحذاء، فقيه متكلم ثقة، له كتب في الفقه والكلام منها: كتاب (المتمسك بحبل آل الرسول)، كتاب مشهور في الطائفة، وقيل: ما ورد الحاج من خراسان إلا طلب واشترى منه نسخا، وسمعت شيخنا أبا عبد الله (المفيد) رحمه الله يكثر الثناء على هذا الرجل رحمه الله (1).