فألف الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي كتاب (الخلاف) الذي يعد من الكتب الخلافية المهمة عند عامة المسلمين، ناهيك عن (الناصريات) و (الانتصار) لعلم الهدى السيد المرتضى، ورسالة الشيخ المفيد، وغيرها.
وما (تذكرة الفقهاء) للعلامة الحلي - الذي نحن في صدد تعريفه - إلا أنموذجا حيا من الكتب المدونة المهمة في هذا الباب، وإنه يمثل فكر مدرسة لها مميزاتها الخاصة وطابعها الثقافي المرتبط بها.
فمدرسة الحلة التي قد أغدقت هذا السفر العظيم كانت قد أروت الجامعات العلمية بالعشرات من أمثالها كقواعد الأحكام للمؤلف نفسه، الذي صار فيما بعد القانون الذي يبتنى عليه النظام الأساسي في إيران.
فتذكرة الفقهاء كتاب فقهي استدلالي خلافي، ناقش فيه موله آراء علماء العامة وفندها باستدلال جيد وأسلوب متين، ومن ثم ذكر الرأي الفصل، وسوف يطبع في أكثر من عشرة مجلدات إن شاء الله تعالى.
وإنه لشيخ فقهاء المذهب، نادرة الزمان، ويتيمة الأوان، العالم العلامة، والحبر الذي أمره في العلم والفضل، وجلالة القدر، وغزارة العلم، وفصاحة البيان، وطلاقة اللسان وكثرة التحقيق، أشهر من أن يذكر، آية الله على الإطلاق في العالمين، الشيخ الحسن بين المطهر الحلي، والذي بلغ رتبة عالية من الاجتهاد وهو لم يبلغ الحلم.
* * * منهجية التحقيق:
عنت المؤسسة منذ البداية في ضمن خطتها المبرمجة بتشكيل لجان مختصة في كل حقل من حقول التحقيق يوافق الكتاب المحقق، فالكتاب الروائي يحتاج إلى لجان غير ما يحتاجها الكتب الفقهية، وأما الكتب الأصولية فتخلف طريقة عملها عن الكتب الرجالية، وهكذا.
ولذلك فإن اللجان التي عملت في تذكرة الفقهاء أربعة لجان هي كالآتي:
1 - لجنة استخراج أقوال الفقهاء من مظانها المعتبرة التي نقل عنها صاحب التذكرة، ككتب القديمين والشيخ والمفيد والصدوق، وغيرهم.
واهتمت كذلك باستخراج الأحاديث والروايات المذكورة من الكتب الأربعة ومقابلتها، وذكر موارد الاختلاف الحاصل بينهما.