ذريته وشؤون ما يتعلق بهذه الخلافة الإلهية، فلما اطلع آدم على ما رآه من الأنوار المحدقة بالعرش، سأل الله تعالى أن يعلمه أسماءهم، فلما أعلمه ذلك عرضهم على الملائكة فتحيروا ولم يجيبوا، وأرجعوا أمر ذلك إلى الله تعالى اعترافا منهم بربوبيته وعظمته، ومن جهة أخرى اعترافا منهم بعجزهم وجهلهم إلا ما أطلعهم عليه تعالى.
إذن فقد كانت لمعرفة " هؤلاء " تشريفا لآدم على الملائكة الذين جهلوا أمرهم فضلا عن أسمائهم، فمعرفة الأسماء كان سببا لشرف الاستخلاف وتميزا لآدم (عليه السلام) على الملائكة، مما يعني شدة العناية الإلهية بأسماء من كانت معرفتهم سببا لنيل شرف الخلافة في الأرض، ولا يراد من أسماء هؤلاء الذين اطلع عليهم آدم، الأودية والجبال والأنهار والطيور وغيرها كما ذهب إليه أكثرهم، بل أراد تعالى أن يطلع أكرم خلقه على أكرم خلقه، أي أن يطلع آدم الذي كرمه على الملائكة في المعرفة لاستحقاق الاستخلاف في الأرض على أكرم ما خلقه الله تعالى ممن كانت معرفتهم سببا في تشريف آدم على الملائكة، وهم الأنوار المحدقة بالعرش " محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين " عليهم صلوات الله أجمعين، إذ مقتضى التكريم لآدم أن يكون قد اطلع على مكنون خلقه تعالى وأشرفهم عنده، فضلا عن مقتضى الاستخلاف ليطلع على شؤون الأرض وما يجري عليها من أمر الخلافة الإلهية المقدسة. ومما يؤيد ذلك استخدام كلمة " هؤلاء " التي تفيد الإشارة إلى العاقل، إذ استخدامها لغير العاقل شاذ نادر، والقرآن حافل باستخدامه