لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ٦٧
لأنه إحضار الصورة المبصرة أو انفعال البصر بها (1)، وكذلك السماع فعل السمع لأنه إحضار الهيئة المسموعة أو انفعال السمع بها، فلا يمكن شئ منهما إلا بانفعال جسماني فكل منهما فعل النفس بلا شك لأنها السميعة البصيرة بالحقيقة. (2) وأنت إذا كنت من أهل الكمال والمعرفة تقف على أن تعلق نور الوجود المنبسط على الماهيات بنور الأنوار وفنائه فيه، أشد من تعلق قوى النفس وفنائها فيها، لأن النفس ذات ماهية وحدود وهما تصححان الغيرية بينها وبين قواها، ومع ذلك ترى النسبة حقيقة وأين هو عن الموجود المنزه عن التعين والحد، المبرأ عن شوائب الكثرة والغيرية، والتضاد والتباين الذي نقل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله المعروف: " داخل في الأشياء لا بالممازجة، خارج عنها لا بالمباينة ". (3) إيضاح:
قد اتضح بما ذكرنا أن حقيقة الأمر بين الأمرين تلك الحقيقة الربانية التي جاءت في الذكر الحكيم بالتصريح تارة والتلويح

(1) إشارة إلى النظريتين المختلفتين في حقيقة الإبصار فهل الإبصار بخلاقية النفس أو بانطباع الصورة فيها.
(2) الأسفار 6 / 377.
(3) وفي النهج ما يقرب منه: " لم يحلل في الأشياء فيقال هو كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن ". نهج البلاغة، الخطبة 62 طبعة عبدة.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 72 74 ... » »»