لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ٥٥
البرهان الرابع لإبطال الجبر قد عرفت أن حقيقة الوجود حقيقة واحدة ذات مراتب وليست المرتبة سوى نفس الوجود، وأن الشدة والضعف يرجع في واقعها إلى الوجود، فإذا كانت حقيقة الوجود كذلك فلا يصح أن يكون مؤثرا في مرتبة عليا كالواجب، دون المراتب الدانية مع وحدة الحقيقة.
وما ربما يقال من أن التأثير من لوازم المرتبة الشديدة دون الضعيفة، غير تام، وذلك لما مر من أن الشدة ليست إلا نفس الوجود لا أمرا زائدا عليه، فلو كان الوجود الشديد مؤثرا فمعناه أن حقيقة الوجود هي التي تلازم التأثير، فإذا كان كذلك فالوجود يكون مؤثرا في جميع المراتب عالية كانت أو دانية، ولأجل ذلك قال الحكماء: إن حقيقة الوجود عين المنشئية للآثار ولا يمكن سلبها عنه، فسلب الآثار ولو في مرتبة من المراتب غير ممكن لاشتمالها على حقيقة الوجود وهو خلاف المفروض.
إلى هنا تم الكلام في إبطال الجبر والتفويض، بقي الكلام في إثبات المذهب المختار، أي الأمر بين الأمرين، والمنزلة بين المنزلتين.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 58 59 60 61 ... » »»