بالتفويض، بل يمكن الجمع بين الكمالين برأي ثالث، فالإنسان ذاته وفعله قائمان بذاته سبحانه، وبذلك لا يصح فصل فعله عنه سبحانه، كما أن مشيئته تعلقت بنظام قائم على أسباب ومسببات، فلا يصح فصل المسبب عن سببه، فله صلة بالله وصلة بسببه.
إن القول بالتوحيد الإفعالي لا يهدف إلى إنكار العلل والأسباب، والروابط بين الظواهر الكونية، ولا نفي أي سبب ظلي يقوم بعمل بإذنه سبحانه، فإن ذلك مخالف للضرورة والوجدان، والذكر الحكيم، بل المقصود أن العوالم الحسية والغيبية، بذاتها وأفعالها قائمة به سبحانه، وأن تأثيرها وسببيتها بإذنه ومشيئته، فكل ظاهرة كونية، لها نسبة إلى أسبابها كما أن لها نسبة إلى خالق أسبابها ومرتبها ومنفذها، فإلغاء كل سبب وعلة، ونسبة الظاهرة إلى ذاته سبحانه، غفلة عن تقديره سبحانه لكل شئ سببا، كما أن نسبة الفعل إلى السبب القريب غفلة عن واقع السبب وأنه بوجوده وأثره قائم بالله سبحانه، فكيف يمكن فصل أثره عنه تعالى؟
ثم إن السبب بين فاقد للشعور، وواجد له لكن فاقد للاختيار، أو واجد له أيضا. وفي كل قسم لا يمكن غض النظر