لب الأثر في الجبر والقدر - محاضرات السيد الخميني ، للسبحاني - الصفحة ٢٤٨
ثانيهما: ما ذكره صدر المتألهين، وقال ما هذا حاصله:
إذا أردت التمثيل لتبيين كون الفعل الواحد فعلا لشخصين على الحقيقة، فلاحظ النفس الإنسانية، وقواها، فالله سبحانه خلقها مثالا، ذاتا وصفة وفعلا، لذاته وصفاته وأفعاله، قال سبحانه: * (وفي الأرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفلا تبصرون) * (1) وقد أثر عن النبي والوصي القول بأنه " من عرف نفسه، عرف ربه " (2).
إن فعل كل حاسة وقوة من حيث هو فعل تلك القوة، فعل النفس أيضا. فالباصرة ليس لها شأن إلا إحضار الصورة المبصرة، أو انفعال البصر منها، وكذلك السامعة، فشأنها إحضار الهيئة المسموعة أو انفعالها بها، ومع ذلك فكل من الفعلين، كما هو فعل القوة، فعل النفس أيضا، لأنها السميعة البصيرة في الحقيقة، وليس شأن النفس استخدام القوى بل هو فوق ذلك.
لأنا إذا راجعنا إلى وجداننا نجد أن نفوسنا بعينها الشاعرة في كل إدراك جزئي، وشعور حسي، كما أنها المتحركة بكل حركة

(١) الذاريات: ٢٠ و 21.
(2) غرر الحكم: 268، طبعة النجف، وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: " أعلمكم بنفسه أعلمكم بربه " أمالي المرتضى: 2 / 329.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»