(عباد الصنم) على بلاد المسلمين وسقوط الخلافة العباسية في بغداد. وهي ظروف كان من المتوقع أن تساهم في انضاج الشخصية، وتزويدها بالتعقل والذكاء والعاطفة الدينية والحماس وغير ذلك مما تحتاج إليه الأمة لرفع الظلم عنها، وإعادة الوحدة والقوة إلى كيانها الممزق.
نعم في هذا الوقت الذي كان المسلمون فيه بحاجة إلى أن يقوم علماؤهم بتنشيط العزائم ووعظ الملوك والساسة بالقيام بالوظائف، وفتح معسكرات لإعداد الشباب وتدريبهم وإيجاد روح الكفاح أمام الوثنيين " التتر " والصليبيين المهاجمين... طرح ابن تيمية مسائل لا تعود على المسلمين في تلك الظروف العصيبة بشئ سوى تعميق الخلاف وتعكير الصفوف وتشديد النزاعات المذهبية والطائفية، وأقل ما يقال عنها إنها قضايا استهلاكية ومسائل جانبية لا تمت إلى إنقاذ الأمة من المحنة السياسية والعسكرية والغزو الصليبي الوثني الذي كانت تعاني منه.
وأول بادرة بدرت من الشيخ هو التقول بإثبات الجهة وذلك في عام 698 في " الرسالة الحموية " (1) حيث ادعى بصراحة بأن الصفات الخبرية كالاستواء واليد والوجه والنزول والصعود يحمل على الله تعالى بنفس معانيها اللغوية من دون تصرف.
ولما كانت " الرسالة الحموية " صريحة في إثبات الجهة والحركة والنقل دعي الشيخ إلى دار السعادة بدمشق ليجيب على أسئلة القضاة.