في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٢
القرآن الكريم وأصالة الإباحة:
يظهر من الذكر الحكيم أن هذا هو الأصل في الشريعة الإسلامية السمحاء، وأن وظيفة النبي الأكرم هو بيان المحرمات دون المحللات، وأن الأصل هو حلية كل عمل وفعل، إلا أن يجد النبي حرمته في شريعته، وأن وظيفة الأمة هو استفراغ الوسع في استنباط الحكم من أدلته فإذا لم يجد دليلا على الحرمة، يحكم عليه بالجواز، ونكتفي في المقام بلفيف من الآيات، وإن كان في السنة الغراء كفاية:
1 - قال سبحانه: * (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين) * (1).
فإن هذه الآية تكشف عن أن الذي يحتاج إلى البيان إنما هو المحرمات لا المباحات، ولأجل ذلك فإنه بعد أن فصل ما حرم لا وجه للتوقف في العمل، والارتكاب بعد ما لم يكن مبينا في جدول المحرمات.
وبعبارة أخرى إن المسلم إذا لم يجد شيئا في جدول المحرمات لم يكن وجه لتوقفه وعدم الحكم عليه بالإباحة، والجواز والحلية.
2 - قال سبحانه: * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا

(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»