في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٤
مؤجلا) * (1) أي لا يمكن لنفس أن تموت بدون إذنه سبحانه.
فيكون معنى الآيتين بناء على الاستعمال الأول: هو ليس من شأن الله تعالى أن يعذب الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث إليهم رسولا، وعلى الاستعمال الثاني: هو ليس من الممكن أن يعذب الله الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث إليهم رسولا.
وعلى كل تقدير فدلالة الآيتين على الإباحة واضحة إذ ليس لبعث الرسل خصوصية وموضوعية، ولو أن جواز العذاب أنيط ببعثهم فإنما هو لأجل كونهم وسائط للبيان والإبلاغ، والملاك هو عدم جواز التعذيب بلا بيان وإبلاغ، وإن التعذيب ليس من شأنه سبحانه، أو أنه ليس أمرا ممكنا حسب حكمته.
5 - قال سبحانه: * (وما أهلكنا من قرية إلا ولها منذرون) * (2) فإن هذه الآية مشعرة بأن الهلاك كان بعد الإنذار والتخويف، وإن اشتراط الإنذار كناية عن البيان وإتمام الحجة.
6 - قوله سبحانه: * (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى) * (3).
فإن هذه الآية تدل على أن التعذيب قبل بعث الرسول مردود بحجة المعذبين وهي قولهم: * (لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك) * فلا يصح

(١) التوبة: ١٢ ويونس: ٢٨.
(٢) الشعراء: ٢٠٨.
(٣) طه: ١٣٤.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»