وها نحن نذكر نماذج من تلك الكلمات ليتضح الحال:
أ - يقول العسقلاني: إنما صور أوائلهم الصور ليستأنسوا بها، ويتذكروا أفعالهم الصالحة، فيجتهدوا كاجتهادهم وثم خلفهم قوم جهلوا مرادهم، ووسوس لهم الشيطان أن أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فحذر النبي عن مثل ذلك سدا للذريعة المؤدية إلى ذلك.
إلى أن يقول: قال البيضاوي لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانا، لعنهم (1)، ومنع المسلمين عن مثل ذلك.
فأما من اتخذ مسجدا في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا للتعظيم ولا للتوجه نحوه، فلا يدخل في الوعيد المذكور (2).
ب - ويقول النووي في شرح صحيح مسلم: قال العلماء: إنما نهى النبي عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتنان به، فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية. ولما احتاجت الصحابة والتابعون إلى زيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه، ومنها حجرة عائشة مدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبيه بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد فيصلي إليه العوام ويعود المحذور.