في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٢٩
الإله بمعنى الخالق أو المدبر لا الإله بمعنى المعبود، وإلا لانتقض البرهان لبداهة تعدد المعبود في هذا العالم مع عدم طروء الفساد في النظام الكوني.
ومثله قوله سبحانه: * (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) * (1).
والبرهان المذكور في الآية لا يتم إلا إذا أريد من الإله نفس ما يراد من لفظ الجلالة من الخالق والمدبر المتصرف ولو فسر بمعنى المعبود لانتقض البرهان كما قلناه.
ومثله الآية الثالثة: * (قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) * (2).
فإن ابتغاء السبيل إلى ذي العرش من لوازم تعدد الخالق أو المدبر المتصرف أو من بيده أزمة أمور الكون أو غير ذلك مما يرسمه في ذهننا معنى الألوهية وأما تعدد المعبود بما هو معبود فلا يلازم ذلك.
ثم إن من يفسر الإله بمعنى المعبود التجأ في مثل هذه الآيات إلى تقدير كلمة " بالحق " وهو خلاف الظاهر، ولا يصار إليه حتى يستقيم البرهان المذكور في الآية.
نعم تفسير الإله بالمعبود هو من باب تفسير اللفظ بلازم معناه لا بمعناه فإن الإله الخالق المدبر هو اللائق بالعبادة، أي أن الخالقية والمدبرية تلازم المعبودية وتستلزمها.

(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»