الخالقي ليس موضع شك، ولكن تسمية التوحيد الخالقي بالتوحيد الربوبي خطأ واشتباه، وتسمية التوحيد في العبادة بالتوحيد في الألوهية مثله.
أما الأول: فلأن معنى الربوبية ليس هو الخالقية كما توهم هذا الفريق بل هو ما يفيد التدبير وإدارة العالم وتصريف شؤونه وهو لم يكن موضع اتفاق بين جميع المشركين والوثنيين في عهد الرسالة كما ادعى هذا الفريق، وإن كان التوحيد في الخالقية موضع اتفاق بينهم.
ومما يدل على أن الربوبية لا تعني الخالقية، قول الله تعالى: * (بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن) * (1). فلو كان المقصود من الرب هنا هو الخالق لكانت جملة " الذي فطرهن " زائدة لأننا لو وضعنا لفظة " الخالق " مكان " الرب " في مطلع الآية للمسنا عدم الاحتياج - حينئذ - إلى الجملة المذكورة، أعني: " الذي فطرهن " بخلاف ما إذا فسر الرب بالمدبر والمتصرف ففي هذه الصورة تكون الجملة الأخيرة مطلوبة لأنها حينئذ تكون علة للجملة الأولى فتعني هكذا: أن خالق الكون هو المتصرف فيه وهو المالك لتدبيره والقائم بإدارته.
وعلى ذلك فكلما أطلق لفظ التوحيد في الربوبية وجب أن لا يراد منه التوحيد في الخالقية بل التوحيد في التدبير وإدارة عالم الوجود.
أما الثاني: لأن الإله ليس بمعنى المعبود بل لفظ الإله ولفظ الجلالة (الله) متساويان، والتفاوت بينهما هو كون الأول كليا، والآخر مصداقا لذلك الكلي وهو المصداق الوحيد.