في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٢٤
الرحمان آلهة يعبدون) * (1).
إلى غير ذلك من الآيات التي تثبت أن الغاية من بعث الأنبياء وإرسالهم هو إحكام هذا الأصل في القلوب والعقول، ولا أظن أن أحدا من المسلمين والموحدين ينكر ذلك أو يشك فيه.
إنما الكلام هو في المصاديق الجزئية والموارد الخاصة التي عدها الوهابيون عبادة، دون سائر المسلمين، فرب أمر تعده جميع الفرق تكريما واحتراما، ويعده الوهابيون عبادة وشركا، فتجد هؤلاء يعدون التوسل بالأنبياء والصالحين شركا، ودعائهم والاستغاثة بهم شركا، بل التبرك بالضرائح والمشاهد شركا، والصلاة عند قبور الصالحين شركا، ولا يعنون بذلك إلا الشرك في العبادة أو الشرك في الألوهية حسب تعبيرهم.
ولكن الآخرين يعدون كل ذلك أمورا مباحة بل مستحبة مأمورا بها من دون أن يكون فيها شائبة عبادة، وعند ذلك لا ينتهي البحث والنقاش إلا إذا حددنا معنى العبادة تحديدا منطقيا حتى يتميز في ضوئه العمل العبادي عن غيره، وهذا هو البحث المهم، بل هو المفتاح الوحيد لحل النزاع بين هذه الطائفة والطوائف الأخرى، في أكثر المسائل.
وفي غير هذه الصورة يكون البحث بحثا غير مفيد بل داخلا في الجدل والمراء، والنقاش العقيم.
إن هذه الطائفة إنما وقعت فيما وقعت فيه عندما أفرطت في استخدام

(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»