به صلى الله عليه وآله وسلم حال حياته، فتفسير الأولى ووصفها بالتعلق بالأسباب والثانية بعبادة المستغاث به، تفسير لا أساس له من الصحة، إذ لا يعقل أن يوصف شئ واحد متحد في جميع الخصوصيات إلا في كون المسؤول في صورة حيا، وفي صورة أخرى ميتا، بأنه عبادة في الثانية غير عبادة في الأولى.
وستعرف في ما يأتي أن مماتهم بعد خروج الروح من أبدانهم ليس بمعنى فنائهم وانعدامهم.
6 - الاستعانة بهم في مشاهدهم ومزاراتهم أو خارجها نظير الاستغاثة حرفا بحرف.
ولا ينافي جواز الاستغاثة والاستعانة بهم انحصار الاستعانة بالله تعالى المنصوص عليه في قوله تعالى: * (وإياك نستعين) * فإن المنحصر في الله تعالى هو الاستعانة بالمعونة المستقلة النابعة من ذات المستعان به، غير المتوقفة على شئ فهذا هو المنحصر في الله تعالى، وأما الاستعانة بالإنسان الذي لا يقوم بشئ إلا بحول الله وقوته، وإذنه ومشيئته، فهو غير منحصر بالله سبحانه، بل إن الحياة قائمة على هذا الأساس فإن الحياة البشرية مليئة بالاستعانة بالأسباب التي تؤثر وتعمل بإذن الله تعالى.
ولإيقاف القارئ على هذه الحقيقة، نلفت نظره إلى آيات تحصر جملة من الأفعال الكونية في الله تارة مع أنه تنسب نفس الأفعال في آيات أخرى إلى غير الله أيضا، وما هذا إلا لأنه لا تنافي بين النسبتين لاختلاف نوعيتهما فهي محصورة في الله سبحانه مع قيد الاستقلال، ومع ذلك تنسب إلى غير الله مع قيد التبعية والعرضية.