الشاهد والغائب، والمادي والمجرد، فاحتمال انتقاض الحكم باختلاف المرئي يناقض ما حكم به بأن الرؤية بما هي هي لا تنفك عن التقابل، فإنه أشبه بقول القائل: إن نتيجة 2 + 2 هو الأربعة، لكن إذا كان المعدود ماديا لا مجردا، ويرد بأن الموضوع نفس اجتماع العددين وهو متحقق في كلتا الصورتين.
ثم ماذا يقصد (الرازي) من الغائب؟ هل يقصد الموجود المجرد عن المادة ولوازمها؟ فبداهة العقل تحكم بأن المنزه عن الجسم والجسمانية والجهة والمكان لا يتصور أن يقع طرفا للمقابلة، وإن أراد منه الغائب عن الأبصار مع احتمال كونه جسما أو ذا جهة، فذلك إبطال للعقيدة الإسلامية الغراء التي تبنتها الأشاعرة وكذلك الرازي نفسه في غير واحد من كتبه الكلامية وفي غير موضع في تفسيره.
ولقائل أن يسأل الرازي: أنه لو وقعت الرؤية على ذاته سبحانه فهل تقع على كله أو بعضه؟ فلو وقعت على الكل تكون ذاته محاطة لا محيطة، وهذا باطل بالضرورة، ولو وقعت على الجزء تكون ذاته ذا جزء مركب.
ومما ذكرنا تتبين ركاكة ما استدل به الرازي على كلامه.
المحاولة اليائسة في تجويز الرؤية:
إن مفكري الأشاعرة الذين لهم أقدام راسخة في المسائل العقلية لما وقعوا في تناقض من جراء هذا الدليل ذهبوا إلى الجمع بين الرؤية والتنزيه، وإليك بيان ذلك: