رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤١
إثباتها بالنص فتأخذ حكم مثل هذه الألفاظ (1).
ويلاحظ على هذا الكلام ما يلي:
أولا: كيف ادعى أن الكتاب والسنة أثبتا العلو لله الذي هو مساوق للجهة، فإن أراد قوله سبحانه: (ثم استوى على العرش) فقد حقق في محله بأن استواءه على العرش كناية عن استيلائه على السماوات والأرض وعدم عجزه عن التدبير. وأين هو من إثبات العلو لله، فقد أوضحنا مفاد هذه الآيات في أسفارنا الكلامية (2).
وإن أراد ما جمعه ابن خزيمة وأضرابه من حشويات المجسمة والمشبهة، فكلها بدع يهودية أو مجوسية تسربت إلى المسلمين ويرفضها القرآن الكريم وروايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
ثانيا: إذا افترضنا صحة كونه موجودا في جهة عالية ينظر إلى السماوات والأرض فكيف يكون محيطا بكل شئ وموجودا مع كل شئ، فإذا كان هذا معنى التنزيه فسلام على التجسيم.
ونعم ما قال شاعر المعرة:
ويا موت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدي إن دهرك هازل فالذي تستهدفه رسالات السماء يتلخص في توحيده سبحانه، وأنه واحد لا نظير له ولا مثيل أولا، وتنزيهه سبحانه عن مشابهة الممكنات والموجودات ثانيا.
غير أن أصحاب الحديث بعد رحيل الرسول توغلوا في وحل

(1) أحمد بن ناصر، رؤية الله تعالى، نشر معهد البحوث العلمية في مكة المكرمة: 61.
(2) الإلهيات 1: 330 - 340.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»