البحث عن مفهومها أمرا صحيحا، وقد سبق منا أن محل النزاع هو إمكان الرؤية بالعين التي نرى بها الأشياء في الدنيا، وأما الرؤية بحاسة خامسة أو بالقلب أو بالرؤيا فليس مطروحا في المقام، ولذلك استغنينا عن نقل كلمات أصحاب المعاجم كالعين للخليل، والجمهرة لابن دريد، والمقاييس لابن فارس، واللسان لابن منظور، والقاموس للفيروز آبادي وغيرهم.
* * * الثالث: لقد أخذنا على عاتقنا التمسك بالأدب الإسلامي في الدراسة والتحليل، ولكن رب حديث يسمعه الإنسان من آخر ربما يجره إلى القسوة أو التجرؤ على المقابل، وبدوري لما كنت أتفحص الكتب والتفاسير حول المسألة رأيت أمورا من بعض المثبتين أشبه بالمهزلة، مع أن القائل يعد من المفسرين الكبار ويكال له بصاع كبير، وإن كنت في ريب مما قلنا فاستمع إلى قول الآلوسي:
قال: روى الدارقطني وغيره عن أنس من قوله (صلى الله عليه وآله): رأيت ربي في أحسن صورة، ومن الناس من حملها على الرؤية المنامية، وإذا صح هذا الحمل فأنا ولله الحمد قد رأيت ربي مناما ثلاث مرات، وكانت المرة الثالثة عام 4612 ه رأيته جل شأنه وله من النور ما له متوجها جهة المشرق وكلمني بكلمات أنسيتها حين استيقظت، ورأيت مرة في منام طويل كأني في الجنة بين يديه تعالى وبيني وبينه ستر حبيك بلؤلؤ مختلف ألوانه فأمر سبحانه أن يذهب بي إلى مقام عيسى (عليه السلام) ثم إلى مقام