ذلك إن للإنسان شعورا بربه غير ما يعتقد بوجوده من طريق الفكر واستخدام الدليل، بل يجد وجدانا من غير أن يحجبه عنه حاجب ولا يجره إلى الغفلة عنه اشتغاله بنفسه ومعاصيه التي اكتسبها، والذي يتجلى من كلامه سبحانه إن هذا العلم المسمى بالرؤية واللقاء يتم للصالحين من عباد الله يوم القيامة، فهناك مواطن التشرف بهذا التشريف، وأما في هذه الدنيا والإنسان مشتغل ببدنه ومنغمر في غمرات حوائجه الطبيعية وهو سالك لطريق اللقاء فهو بعد في طريق هذا العلم لم يتم له حتى يلقى ربه، قال تعالى: (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) (الانشقاق / 6).
فهذا هو العلم الضروري الخاص الذي أثبته الله تعالى لنفسه وسماه رؤية ولقاء، ولا يهمنا البحث عن أنها على نحو الحقيقة أو المجاز، والقرآن أول كاشف عن هذه الحقيقة على هذا الوجه البديع، فالكتب السماوية السابقة على ما بأيدينا ساكتة عن إثبات هذا النوع من العلم بالله وتخلو عن الأبحاث المأثورة عن الفلاسفة الباحثين عن هذه المسائل، فإن العلم الحضوري عندهم كان منحصرا في علم الشئ بنفسه حتى يكشف عنه في الإسلام، فللقرآن المنة في تنقيح المعارف الإلهية (1).
هذا التفسير للرؤية القلبية مما أفاده أستاذنا العلامة الطباطبائي (رحمه الله)، ولكن ربما يفسر بالعلم القطعي الضروري الذي لا يتردد