دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ١٥
واستوائه، هل هو كجلوسي وجلوسك؟ وما هي هيئة هذا العرش؟ هل هي كهيئة العروش المعهودة لدى الملوك والسلاطين؟ إلى غير ذلك من تساؤلات.
إلا أن عصر التساؤلات هذا، لم يؤثر على بعض العلماء، ولم يجر كثير منهم إلى الخوض فيها. ولذا وجدنا، من توقف في شرح هذه الآيات، ووقف منها موقف المتهيب، فلم يأت فيها بتفسير أو تأويل (1).
بل وجد من علماء الإسلام من صرح بأن مثل هذه التساؤلات بدعة لا تجوز، إذ كل بدعة ضلالة، أمثال مالك بن أنس، حيث قال عند كلامه على الآية الكريمة الرحمن على العرش استوى (الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) (2).
ويذكر الشهرستاني في الملل والنحل، أن السبب في توقف كثير من العلماء في تفسير متشابه القرآن وتأويله أمران:
الأمر الأول: المنع الوارد في التنزيل، فقد قال الله تعالى في شأن القرآن منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله فنحن نحترز عن الزيغ...
والأمر الثاني: إن التأويل أمر مظنون بالإتفاق والقول في صفات الباري بالظن غير جائز. فربما أولنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ (3).

(1) راجع تفسير الطبري 1 / 20 وما بعدها والطبقات لابن سعد 5 / 139 وما بعدها.
(2) الملل والنحل 1 / 93.
(3) 1 / 104.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»