دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٩٧
افتراض ذرات، وتلاحم بين هذه الذرات، وفضاء تلاحمت فيه، وزمان لهذا التلاحم، ثم اصطدام بشمس كانت في وجودها سابقة على كل ذلك.
ثالثا: إن رد وجود هذا النظام الكوني إلى المصادفة، ينطوي في حد ذاته على التناقض المستحيل، بمعنى أن القائل به يقع في التناقض، لأنه يلتزم بإنكار مبدأ العلية كلية، وهذا معناه أنه يزعم أن ما يوجد ليس له ما به يوجد (1).
رابعا: من الواضح أن العالم ليس ممتنعا، إذ لو كان ممتنعا لما وجد. كما أنه ليس واجبا، لأنه - بإقرار القائلين بالمصادفة أنفسهم - لم يكن فكان، والواجب، لا يجوز عليه العدم، في أي زمان.
وإذا لم يكن العالم واجبا، ولا ممتنعا، فهو إذن ممكن، إذ لا رابع لهذه الأقسام.
والممكن - كما سبق - هو الذي يتساوى فيه طرفا الوجود العدم ومن الواضح استحالة ترجح أحد المتساويين على مساويه من دون سبب، وإلا لكان خلف فرض تساويهما.
وعلى ضوء ما ذكرناه، فالإلتزام بالمصادفة، معناه الإلتزام بما هو خلف فرض العالم ممكنا. إذ ليس معنى المصادفة، إلا وجود شئ ينطوي على إمكان الوجود وإمكان العدم بصورة متعادلة من دون علة. والخلف باطل، وما استلزم الباطل - وهو القول بالمصادفة - يكون باطلا.

(1) تاريخ الفلسفة الحديثة ليوسف كرم 169.
(٩٧)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 92 93 95 96 97 98 99 101 102 103 ... » »»