وبقرينية هذه القرينة يكون الملحض من مضمون الآية: أن لله سبحانه في كل وقت وأجل كتابا، أي حكما وقضاء، وأنه يمحو ما يشاء من هذه الكتب والاحكام والأقضية، ويثبت ما يشاء، أي يغير القضاء الثابت في وقت فيضع في الوقت الثاني مكانه قضاء آخر.
لكن عنده بالنسبة إلى كل وقت قضاء لا يتغير ولا يقبل المحو والاثبات، وهو الأصل الذي يرجع اليه الأقضية الأخر، وتنشأ منه، فيمحو ويثبت على حسب ما يقتضيه هو (1).
وكما حددت وعينت روايات أهل البيت القضاء الذي يقع فيه البداء، وهو القضاء الموقوف، حددت وعينت القضاء الذي يصدر منه البداء، فنصت على أنه القضاء الذي استأثر به الله تعالى، ولم يطلع عليه أحدا من خلقه.
ففي (عيون أخبار الرضا): أن الرضا (ع) قال لسليمان المروزي:
رويت عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: إن لله عز وجل علمين:
علما مخزونا مكنونا لا يعلمه الا هو، من ذلك يكون البداء.
وعلما علمه ملائكته ورسله، فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه (1).
وفي (بصائر الدرجات): عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: إن لله علمين:
علم مكنون مخزون لا يعلمه الا هو، من ذلك يكون البداء.
وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه، ونحن نعلمه (3).
وهذا القضاء أو العلم هو ما سمته الآية الكريمة ب (أم الكتاب).