خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٨٢
منذ نشوء النظرية متعرفا سبب النشأة ثم ما طرأ على النظرية من تطور وما وجه لها من نقد.
وأجلى وأخصر عرض تاريخي أبان عن نشأة النظرية وسببها فيما لدي من مراجع - هو ما ذكره ابن رشد في كتابه (تهافت التهافت). ولهذا فضلت ان أنقله هنا بنصه مكتفيا به مع التصرف اليسير بحذف زوائده اختصارا.
يقول ابن رشد: وهذه القضية القائلة: (ان الواحد لا يصدر عنه الا واحد)، هي قضية اتفق عليها القدماء من الفلاسفة حين كانوا يفحصون عن المبدأ الأول للعالم بالفحص الجدلي وهم يظنونه الفحص البرهاني.
فاستقر رأي الجميع منهم على:
أن المبدأ واحد للجميع.
وأن الواحد يجب أن لا يصدر عنه الا واحد. فلما استقر عندهم هذان الأصلان طلبوا من أين جاءت الكثرة؟!
وذلك بعد أن بطل عندهم الرأي الأقدم من هذا، وهو أن المبادئ الأول اثنان: أحدهما للخير والآخر للشر.
فلما تقرر بالآخرة عندهم ان المبدأ الأول يجب ان يكون واحدا، ووقع هذا الشك في الواحد أجابوا بأجوبة ثلاثة:
فبعضهم زعم أن الكثرة انما جاءت من قبل الهيولى.
وبعضهم زعم أن الكثرة إنما جاءت من قبل كثرة الآلات.
وبعضهم زعم أن الكثرة إنما جاءت من قبل المتوسطات.
وأما المشهور اليوم فهو ضد هذا، وهو أن الواحد الأول صدر عنه صدورا أولا جميع الموجودات المتغايرة.
وأما الفلاسفة من أهل الاسلام كأبي نصر (الفارابي) وابن سينا فلما سلموا لخصومهم: ان الفاعل في الغائب كالفاعل في الشاهد، وان الفاعل الواحد لا يكون منه الا مفعول واحد.
وكان الأول عند الجميع واحدا بسيطا، عسر عليهم كيفية وجود الكثرة عنه، حتى اضطرهم الأمر ان لا يجعلوا الأول هو محرك الحركة اليومية.
(٨٢)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»