وقديما أشار الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى هذه الطريقة أعني الدلالة على قدم الخالق بحدوث المخلوقات، والدلالة بحدوث المخلوقات على وجود الخالق، قال:
الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده (1).
وقال:
الحمد لله الدال على وجوده بخلقه، وبمحدث خلقه على أزليته (2).
وخلاصة دليل المتكلمين الثاني أيضا بدأوا دليلهم هنا بتأليف قياس منطقي ومن الشكل الأول، وهو: كل ما سوى الواجب ممكن + وكل ممكن محدث = كل ما سوى الواجب محدث.
ثم قالوا:
لا يتم الاستدلال بهذا القياس الا بعد اثبات صحة مقدمتيه.
واستدلوا على صحة المقدمة الأولى واثبات مؤداها بنفس دليل تقسيم الموجود إلى واجب لذاته وممكن لذاته، وقد تقدم هذا في موضوع المواد الثلاث.
واستدلوا لاثبات صحة المقدمة الثانية بأن قالوا إن الممكن بما هو ممكن - محتاج في وجوده إلى موجد.
وكذلك ان الممكن لا يمكن ان يوجد حال وجوده لان هذا من تحصيل الحاصل، وهو محال.
فيلزم منه أن يوجد حال لا وجوده فيكون وجوده مسبوقا بلا وجوده.
وهذا هو معنى حدوثه لان الحادث هو المسبوق بالعدم.
وإذا ثبت كون ما سوى الواجب محدثا، وكان احتياج كل محدث إلى محدث يوجده ضروريا، ثبت ان لجميع العالم من الأجسام والاعراض وما سواهما من الممكنات محدثا، وهو المطلوب (3).