خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ٢٣٣
3 - (وإذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم انه هو التواب الرحيم، وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) - البقرة: 54، 55 -.
قال السيد شرف الدين: هاتان آيتان متصلتان - كما أوردناهما والحجة على ما نحن فيه من امتناع الرؤية انما هي الآية الثانية، وإنما أوردنا الأولى لأن لها دخلا في بيان الوجه في الاحتجاج بوضوح، وذلك أن أولاهما نصت على عقوبة متخذي العجل بقتل أنفسهم، ونصت الثانية على عقوبة الطالبين رؤية الله جهرة بالصاعقة تأخذهم وهم ينظرون.
وهذا بمجرد يوجب القطع بتساوي الجرمين في الكفر لتساويهما في العقوبة من الله تعالى الملك الحق العدل المبين، وليس شئ أدل من هذا على امتناع الرؤية، ووجوب الانكار على القائلين بها، بل وجوب كفرهم إذا أصروا عليها عنادا بعد أن تتم عليهم الحجة بامتناعها كما تمت على أصحاب الصاعقة من قوم موسى فإنه عليه الصلاة والسلام حين سألوه الرؤية أخبرهم بامتناعها فألحوا عليه ولجوا في طغيانهم، فعرفهم أن رؤية الله تستلزم تحيزه وتكيفه، والإشارة اليه، والله تعالى منزه عن ذلك، وأوضح لهم أن من استجاز الرؤية على الله عز وجل فقد جهله وجعله من جملة الأجسام أو الاعراض، فعتوا وأصروا على طلبها عنادا فكانوا بذلك كعبدة العجل، فأخذتهم الصاعقة بأمر الله كما أخذ القتل أولئك بأمره تعالى لتساوي الجرمين.
هذا ما استفدته من الآيتين في توجيه الاستدلال على امتناع الرؤية (1).
4 - (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك، قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) - الأعراف 143 -.
يقول السيد شرف الدين: وحسبنا من التعليق على هذه الآية الكريمة ما أخرجه

(1) م. ن 308.
(٢٣٣)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، القتل (2)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»