واستشهدوا بقوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله).
إذ من المعلوم أنه لم يسمع الا هذا الذي نقرأه (1).
وتعقبهم الفخر الرازي بالرد، فقال: أطبق العقلاء على أن الذي قالوه جحد للضروريات، ثم الذي يدل على بطلانه وجهان:
الوجه الأول أنه إما ان يقال إنه تكلم بهذه الحروف دفعة واحدة أو على التعاقب.
فإن كان الأول لم يحصل منها هذه الكلمات التي نسمعها، لأن التي نسمعها حروف متعاقبة، فحينئذ لا يكون هذا القرآن المسموع قديما.
وإن كان الثاني فالأول لما انقضى كان محدثا لأن ما ثبت عدمه امتنع قدمه، والثاني لما حصل بعد عدمه كان حادثا.
والوجه الثاني: ان هذه الحروف والأصوات قائمة بألسنتنا وحلوقنا، فلو كانت هذه الحروف والأصوات نفس صفة الله تعالى لزم أن تكون صفة الله وكلمته حالة في ذات كل أحد من الناس.
واحتجوا على قولهم بان كلام الله تعالى مسموع بدليل قوله تعالى (وان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)، وهذا يدل على أن كلام الله مسموع.
فلما دل الدليل على أن كلام الله قديم وجب أن تكون هذه الحروف المسموعة قديمة.
والجواب:
ان المسموع هو هذه الحروف المتعاقبة، وكونها متعاقبة يقتضي أنها حدثت بعد