فوافينا سامراء، فوجدنا الأمر كما وصفه وفي الدهليز خادم أسود وفي يده تكة ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها؟ فقال: صاحبها!
فوالله ما التفت إلينا، وقل اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دارا سرية ومقابل الدار ستر ما نظرت قط إلى أنبل منه، كأن الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار أحد.
فرفعنا الستر فإذا بيت كبير كأن بحرا فيه ماء، وفي أقصى البيت حصير قد علمنا أنه على الماء، وفوقه رجل من أحسن الناس هيئة قائم يصلي، فلم يلتفت إلينا، ولا إلى شئ من أسبابنا.
فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطى البيت فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته وأخرجته وغشي عليه وبقي ساعة، وعاد صاحبي الثاني إلى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتا!
فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى الله وإليك! فوالله ما علمت كيف الخبر؟ ولا إلى من أجئ؟ وأنا تائب إلى الله. فما التفت إلى شئ مما قلنا، وما انتقل عما كان فيه، فهالنا ذلك وانصرفنا عنه.
وقد كان المعتضد ينتظرنا وقد تقدم إلى الحجاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أي وقت كان، فوافيناه في بعض الليل، فأدخلنا عليه فسألنا عن الخبر، فحكينا له ما رأينا.
فقال: ويحكم! لقيكم أحد قبلي وجرى منكم إلى أحد سبب أو قول؟
قلنا: لا!
فقال: أنا نفي من جدي، وحلف بأشد أيمان له أنه رجل إن بلغه هذا الخبر ليضربن أعناقنا، فما جسرنا أن نحدث به إلا بعد موته.
وقال في ص 850: