فإن هذه التعابير تعطينا خبرا بأن الولاية الثابتة لأمير المؤمنين عليه السلام مرتبة تساوق ما ثبت لصاحب الرسالة، مع حفظ التفاوت بين المرتبتين بالأولية والأولوية، سواء أريد من لفظ بعدي البعدية الزمانية، أو البعدية في الرتبة، فلا يمكن أن يراد إذن من المولى إلا الأولوية على الناس في جميع شؤونهم، إذ في إرادة معنى النصرة والمحبة من المولى بهذا القيد ينقلب الحديث ويعد منقصة دون مفخرة، كما لا يخفى.
القرينة التاسعة: قوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد إبلاغ الولاية: اللهم أنت شهيد عليهم أني قد بلغت ونصحت.
فالإشهاد على الأمة بالبلاغ والنصح يستدعي أن يكون ما بلغه صلى الله عليه وآله وسلم ذلك اليوم أمرا جديدا لم يكن قد بلغة قبل، مضافا إلى أن بقية معاني المولى العامة بين أفراد المسلمين من الحب والنصرة لا تتصور فيها أي حاجة إلى الإشهاد على الأمة في علي عليه السلام خاصة، إلا أن تكون فيه على الحد الذي بيناه.
القرينة العاشرة: قوله صلى الله عليه وآله وسلم قبل بيان الحديث، وقد مر ص 165 و 196: إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت أن الناس مكذبي، فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني.
ومر في ص 221 بلفظ: إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعا، وعرفت أن الناس مكذبي، فوعدني لأبلغن أو ليعذبني.
وص 166 بلفظ: إني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق ومكذبيهم، فأودعني لأبلغها أو ليعذبني.
ومر ص 51: لما أمر النبي أن يقوم بعلي بن أبي طالب المقام الذي قام به، فانطلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة، فقال: رأيت الناس حديثي عهد بكفر