تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٧
ثانيها: أن هذا الدعاء بعمومه الأفرادي بالموصول، والأزماني، والأحوالي بحذف المتعلق يدل على عصمة الإمام عليه السلام، لإفادته وجوب موالاته ونصرته والانحياز عن العداء له وخذلانه على كل أحد في كل حين وعلى كل حال، وذلك يوجب أن يكون عليه السلام في كل تلك الأحوال على صفة لا تصدر منه معصية، ولا يقول إلا الحق، ولا يعمل إلا به، ولا يكون إلا معه، لأنه لو صدر منه شئ من المعصية لوجب الإنكار عليه ونصب العداء له لعمله المنكر والتخذيل عنه، فحيث لم يستثن صلى الله عليه وآله وسلم من لفظه العام شيئا من أطواره وأزمانه علمنا أنه لم يكن عليه السلام في كل تلك المدد والأطوار إلا على الصفة التي ذكرناها. وصاحب هذه الصفة يجب أن يكون إماما، لقبح أن يؤمه من هو دونه على ما هو المقرر في محله، وإذا كان إماما فهو أولى الناس منهم بأنفسهم.
ثالثها: أن الأنسب بهذا الدعاء الذي ذيل صلى الله عليه وآله وسلم به كلامه ولابد أنه مرتبط بما قبله - أن يكون غرضه صلى الله عليه وآله وسلم بيان تكليف على الحاضرين من فرض الطاعة ووجوب الموالاة، فيكون في الدعاء ترغيب لهم على الطاعة والخضوع له، وتحذير عن التمرد والجموح تجاه أمره، وذلك لا يكون إلا إذا نزلنا المولى بمعنى الأولى، بخلاف ما إذا كان المراد به المحب أو الناصر، فإنه حينئذ لم يعلم إلا أن عليا عليه السلام محب من يحبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو ينصر من ينصره، فيناسب إذن أن يكون الدعاء له إن قام بالمحبة أو النصرة، لا للناس عامة إن نهضوا بموالاته، وعليهم إن تظاهروا بنصب العداء له، إلا أن يكون الغرض بذلك توكيد الصلاة الودية بينه وبين الأمة إذا علموا أنه يحب وينصر كل فرد منهم في كل حال وفي كل زمان، كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك فهو يخلفه عليهما. وبذلك يكون لهم منجاة من كل هلكة،
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»