أقول: القرآن تبيان لكل شئ بمعانيه الظاهرة والباطنة، والمعاني الباطنة إنما تظهر بواسطة رسول الله أو من أودع عندهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علم ذلك.
فكلام الصادق عليه السلام هذا ليس تكذيبا للروايات الواردة عنه وعن سائر الأئمة المعصومين عليهم السلام في بيان المعاني الباطنة لآيات القرآن الكريم.
وقال في ص 329:
فإن كان الناس بحاجة فلم تبقى الأمة عند اختفاء الامام المزعوم منذ أكثر من أحد عشر قرنا بعيدة من مصدر هدايتها؟
أقول: لا تصل هداية الامام الغائب عليه السلام إلى الناس بالملاقاة مع معرفة شخصه لحكمة له تعالى في غيبته، ولكنه لا ينافي وصول هدايته إليهم من دون أن يعرفوه:
والكلام في الامام الغائب سيأتي على التفصيل في مبحث خاص عند تعرض المصنف له.
وقال في نفس الصفحة:
ولو كان عند علي عليه السلام مثل هذه العلوم لاخرجها للناس أيام خلافته، ولرووها عنه أئمة أهل السنة.
أقول: لم يكن علي عليه السلام مأمورا ببيان جميع ما أودع عنده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأهل عصره مما يحتاج إليه الناس في الاعصار الآتية إلى يوم القيامة، بل كان مأمورا بجواب ما يسأل الناس عنه، وما لم يسألوه عنه ولم تقتض المصلحة بيانه فقد أودعه عند حجة الله على الناس من بعده.
وأما زمان خلافته الظاهرية فكانت فرصته أقل من سائر الأزمنة لاشتغاله بإجراء العدالة في الحكومة بأدق معانيها، وقد شغل ذلك كثيرا من