ثم إن الأسباب تنقسم إلى طبيعية ومادية وإلى غيبية وإلهية، أما الأول فالنظام الكائن مبني على العلل والأسباب الطبيعية وتأثير كل سبب طبيعي ومادي بإذن الله سبحانه، وليس للعلم دور سوى الكشف عن هذه الأسباب المادية.
غير أن المادي ينظر إلى هذه الأسباب بنظرة استقلالية ولكن الإلهي ينظر إليها نظرة تبعية قائمة بالله سبحانه، مؤثرة بإذنه، وهذا هو ذو القرنين يتمسك بالأسباب الطبيعية في إيجاد السد أمام يأجوج ومأجوج ويستعين بالأسباب ولا يراها مخالفا للتوحيد.
قال سبحانه حاكيا عنه: * (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا) *. (1) إن الاستعانة بالأحياء والاستغاثة بهم أمر جرت عليه سيرة العقلاء، وهذا موسى الكليم استغاثه بعض شيعته فأجابه دون أن يخطر ببال أحد أن الاستغاثة لا تجوز إلا بالله، قال سبحانه: * (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه) *. (2)