منهما، قال سبحانه: * (وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وإن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) *. (1) قال المفسرون: إن الاقتراح الأول كان لغير المسلمين ويؤيده قولهم في حق أصحاب الكهف: * (ربهم أعلم بهم) * وهو ينم عن اهتمام بالغ بحالهم ومكانتهم فحولوا أمرهم إلى ربهم.
وأما الاقتراح الثاني فنفس المضمون (اتخاذ قبورهم مسجدا) شاهد على أن المقترحين كانوا هم المؤمنين، وما اقترحوا ذلك إلا للتبرك بالمكان الذي دفنت فيه أجساد هؤلاء الموحدين.
والقرآن يذكر ذلك الاقتراح من دون أن يعقب عليه بنقد أورد وهو يدل على كونه مقبولا عند منزل الوحي.
قال الطبري في تفسير الآية: إن المبعوث دخل المدينة فجعل يمشي بين ظهري سوقها فيسمع أناسا كثيرين يحلفون باسم عيسى بن مريم، فزاده فرقا ورأى أنه حيران، فقام مسندا ظهره إلى جدار من جدر المدينة، ويقول في نفسه: والله عندما أدري عندما هذا أما عشية أمس فليس على الأرض إنسان يذكر عيسى بن مريم إلا قتل، وأما الغداة فأسمعهم وكل إنسان يذكر أمر عيسى لا يخاف، ثم قال في نفسه: