بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٨
والذي يدل على ذلك (الخضوع النابع عن الاعتقاد بالألوهية) أن بعض الآيات تأمر بعبادة الله وتنهى عن عبادة غيره مدللا بأنه لا إله غيره، يقول: * (يا قوم اعبدوا الله عندما لكم إله غيره) *. (1) ومعنى ذلك أن الذي يستحق العبادة من كان إلها وليس هو إلا الله، عندئذ كيف تعبدون عندما ليس بإله حقيقة وإنما تدعون له الألوهية؟ وكيف تنبذون عبادة الله وهو الإله الذي يجب أن يعبد دون سواه؟ وقد وردت هذه الآية بنصها أو مضمونها في كثير من الآيات. (2) فهذه التعابير تفيد أن العبادة هي ذلك الخضوع والتذلل النابعين من الاعتقاد بألوهية المعبود، إذ نلاحظ - بجلاء - كيف استنكر القرآن على المشركين عبادة غير الله بأن هذه المعبودات ليست آلهة وأن العبادة من شؤون الألوهية. وحيث إن هذا الوصف لا يوجد إلا في الله سبحانه لذلك تجب عبادته دون سواه.
التعريف الثاني العبادة هي الخضوع أمام من يعتقد أنه رب يملك شأنا من شؤون وجوده وحياته وشؤونه في آجله وعاجله.
سواء كان أمرا ماديا كالعزة والنصر، أم معنويا كمغفرة الذنوب.

1. الأعراف / 59.
2. وللقارئ الكريم أن يراجع في ذلك الآيات التالية: الأعراف / 65، 73، 85، هود / 50، 61، 84، الأنبياء / 25، المؤمنون / 23، 32، طه / 14.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 47 48 49 50 51 53 55 ... » »»