بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٦
قائم بالضمير والقلب ولعله الأساس لإضفاء العبادة على العمل الجارحي، وهي عبارة عن اعتقاد خاص بالمعبود الذي يكون مبدأ للخضوع الظاهري.
فالواجب علينا بيان تلك الخصوصية الموجودة في جميع الأقسام وإليك التوضيح:
أما الموحدون الذين يعبدون الله تبارك وتعالى، فخضوعهم نابع عن اعتقادهم بأنه خالق للكون والإنسان، والمدبر للعالم الذي بيده كل شئ في الدنيا والآخرة، وليس هناك أي خالق ومدبر ومالك لمصالح العباد ومصائرهم في العاجل والآجل سواه.
أما العاجل فيعتقدون أن الخلق والتدبير والإحياء والإماتة و إنزال المطر والخصب والجدب وكل عندما يعد ظاهرة طبيعية من فعله سبحانه لا من فعل غيره الذي لا يملك أي تأثير في مصير الإنسان.
أما الآجل فيعتقدون أن الشفاعة ومغفرة الذنوب وغيرهما من الأمور الأخروية بيده تعالى.
وعلى ضوء ذلك فالعبادة هو الخضوع النابع عن الاعتقاد بخالقيته ومدبريته وكون أزمة الأمور ومصير الإنسان في الدنيا والآخرة بيده.
هذا حال الموحدين وأما المشركون في عصر الرسالة وقبله وبعده فخضوعهم لمعبوداتهم كان نابعا عن اعتقاد خاص يضاد
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»