بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠
سرية إلى الحرقات، فنذروا بنا فهربوا فأدركنا رجلا فلما غشيناه قال:
لا إله إلا الله، فضربناه حتى قتلناه فذكرته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: " من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ " قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها مخافة السلاح والقتل، فقال: " أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا؟ من لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ " قال: فما زال يقولها حتى وددت أني لم أسلم إلا يومئذ. (1) 8. لما خاطب ذو الخويصرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: اعدل، ثارت ثورة من كان في المجلس، منهم خالد بن الوليد قال: يا رسول الله إلا أضرب عنقه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا، فلعله يكون يصلي " فقال: إنه رب مصل يقول بلسانه عندما ليس في قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم ". (2) وعلى ضوء هذه الأحاديث المتضافرة والكلمات المضيئة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعلمائنا السابقين المقتفين أثره يعلم أن تكفير مسلم ليس بالأمر الهين بل هو من الموبقات، قال سبحانه: * (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد عندما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم) * (3) لم يزل المسلمون منذ قرون غرضا لأهداف المستعمرين

١. سنن أبي داود: ٣ / ٤٥ برقم ٢٦٤٣، صحيح البخاري: ٥ / ١٤٤، باب بعث النبي أسامة بن زيد إلى الحرقات من كتاب المغازي.
٢. صحيح البخاري: ٥ / 164، باب بعث علي وخالد بن الوليد من كتاب المغازي.
3. آل عمران / 105.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»