المواسم والمراسم - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٣٧
ونقول: إن ما تدل عليه الآية هو التذكير بالأسلوب العادي والمعروف، وأما الخصوصية، فلا تفهم من الآية. وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: " كان رسول الله (ص) يخطبنا فيذكرنا بأيام الله، حتى نعرف ذلك في وجهه، كأنه نذير قوم يصبحهم الأمر عداوة ". (1).
وعن أبي بن كعب: " أن رسول الله (ص) قرأ يوم الجمعة تبارك، وهو قائم ، فذكرنا بأيام الله ". (2) وعن النبي (ص): " بينما موسى عليه السلام في قومه يذكرهم بأيام الله، وأيام الله نعمه وبلاؤه إذ قال... الخ ". (3) فذلك كله يدل على أن التذكير بأيام الله كان يتخذ صفة الطبيعة والعادية، ولو للأفراد على انفراد، ولم يكن يقيم لهم احتفالات ومراسم معينة في أوقات مخصوصة من أجل ذلك، إلا أن يقال: إن أمر تعيين المصداق قد ترك إلينا، كما سيأتي، فتكون الآية من أدلة العنوان العام.
كما أن المقصود بأيام الله.. لعله تلك الأيام التي تحدث فيها خوارق العادات ، وتظهر فيها الآيات، أيام بطشه بالظالمين، وأخذه لهم أخذ عزيز مقتدر، وكذا الحال بالنسبة لآية: " قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ".. فلا تشمل الآية ما هو محل الكلام هنا... الفرح بفضل الله سبحانه وقد استدل أيضا بقوله تعالى: " قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا "، إذ من المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه، هو ولادة النبي (ص)، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، فالفرح بمناسبة ميلاده صلى الله عليه وآله وسلم مطلوب ومراد. (4) ولكننا نقول: إن الآية تدل على لزوم الرح برحمة الله سبحانه وفضله... أما الخصوصية، فلا تدل عليها، وحينما يصف الله الإنسان بأنه فرح فخور، فإن ذلك لا يعني إلا ثبوت هذه الحالة النفسية له، ولا تدل على أنه يقيم الحفلات، ويلتزم بالمواسم والمراسم، كما هو محل البحث هنا.
إلا أن يقال: إن أمر تعيين الكيفية والمصداق قد أوكل إلينا، كما سق في

1 - مسند أحمد / ج 1 / ص 167.
2 - سنن ابن ماجة / ج 1 / ص 352 - 353.
3 - مسند أحمد / ج 5 / ص 121.
4 - راجع: القول الفصل / ص 73، ومقالة الصديق المشار إليه آنفا.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 43 ... » »»