ولكنه أيضا استدلال باطل عندنا، لأننا نعتقد: أن الإجماع بما هو هولا حجية فيه، إلا بسبب اشتماله على قول النبي المعصوم (ص)، أو قول أحد الأئمة المعصومين، أما دون ذلك فلا اعتبار به، ولكن المشهور عند أولئك المستدلين بهذه الأدلة هو حجيته متى تحقق، حتى ولو بعد عصر النبي (ص)، ثم ما تلاه من أعصار فيكون حجة عليهم... فراجع كتب الأصول. (1) العقيقة ... دليل آخر قال السيوطي ما حاصله: " إنه ظهر له تخريج عمل المولد على أصل آخر، وهو أنه (ص) قد عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته... فهذا يعني أنه (ص) أراد إظهار الشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين، وتشريفا لأمته، فيستحب الحب لنا أيضا إظهارا للشكر بمولده، بالاجتماع وإطعام الطعام، ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات ". (2) ولكن هذا لا يصلح للاستدلال أيضا، إذ لم يثبت أن ذلك كان منه (ص) فرحا وابتهاجا، بما ذكر، فإن ذلك لا يعدو عن أن يكون استنباطا استحسانيا قد يوافق الواقع وقد لا يوافقه. هذا كله بالإضافة إلى عدم ثبوت أنه (ص) قد عق عن نفسه (3)، وعدم ثبوت أن عبد المطلب كان قد عق عنه (ص).. (4) فلا بد من ثبوت ذلك بشكل قطعي ليتكلم في دلالته على المدعى أو عدم دلالته.
مضافا إلى أن العقيقة بنفسها مستحبة في الشرع، وقد ثبت ذلك بالدليل القطعي ولكن لا يلزم من استحبابها، والعمل بها جواز إقامة المراسم والمواسم في أوقات معينة وبكيفية خاصة... حتى لو ثبت أن ذلك كان فرحا واستبشارا بمولده (ص)، وإلا لكررها بعد ذلك في كل عام، كما يراد إثباته. فلعل للاستبشار بالعقيقة مرة واحدة في العمر خصوصية عند الشارع.