محاورتنا معه التي نشرت في العام الماضي: إن العراق منذ احتلالكم له حتى الآن يسير من سيئ إلى أسوأ في جميع نواحيه الاقتصادية والعمرانية وغيرها.
فقال ما معناه: كلا! بل تحسنت الأمور وتقدم العراق وكان قصر الملك في بغداد يحيط به الماء كل سنة عند الفيضان، وقد صار آمنا من ذلك.
فقلت: ليس المهم قصر الملك بل المهم كوخ الفلاح الذي يشيد منه قصر الملك، بل وقصر الكريعات مقر فخامتكم في الكرخ، كوخ الفلاح الذي يغرق منه كل سنة الألوف ومئات الألوف من الفلاحين المساكين يهيمون على وجوههم، والناس منكم في شر وأي شر.
وفي نفس السنة ضربت بغداد بنكبة لم يحدث تأريخ بغداد بمثلها، وشملت بعض المناطق الأخرى، وكانت الخسائر تقدر بنحو عشرين مليون دينار.
آلاف الصرائف (الأكواخ) بل أكثر، خمسون ألف نسمة على أقل تقدير مشردون، وهؤلاء هم عصب العمل ودولاب الحركة في العاصمة، وهم أنفع للمجتمع من الذين يتمتعون بافتراش الحرير والحور، وشرب الخمور، ملايين الدنانير من ضرائب المساكين من الأهلين،