الفكر الإسلامي بفلسفتي الفرس والرومان، ونتج عن ذلك - بتقادم الأيام - بروز حركة الترجمة وتطور علم الكلام الذي كانت بوادره موجودة في عصر صدر الإسلام ولكن بصورتها الغضة الطرية.
وعلى أثر تلاقح الفكر الإسلامي بغيره كان من الطبيعي أن تؤثر مدارسه الكلامية تأثيرا مباشرا على عقائد المسلمين صياغة واستدلالا، ومن هنا نشأ الخلاف الحاد - في بعض المفردات العقائدية بين المدارس الكلامية - ليكون بمثابة الإعلان الصريح عن الابتعاد عن مسار الإسلام الصحيح في ضرورة الرجوع في فهم الإسلام عقيدة وفكرا إلى أهل البيت (عليهم السلام) الثقل الثاني الذي أمرنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسك به بعد القرآن الكريم.
نعم هناك كثير من العقائد كانت محل اتفاق المسلمين الأوائل إلا أنه قد ظهر في بعض العصور من خالف وشذ اتباعا للهوى أو انحرافا عن المنهج السليم في البحث والتحقيق.
ولعل من تلك العقائد التي هي إحدى الحقائق الإسلامية مسألة الشفاعة.
إن الشفاعة تفضل من الله تعالى ودعوة مستجابة لنبينا ادخرها (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهل الكبائر من أمته.
وهي - كما دلت عليه الأدلة - على أنواع، منها الشفاعة التي يختص بها نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهناك شفاعة يشاركه فيها الأنبياء والشهداء والعلماء.
وهنا لا بد من التنبيه أيضا إلى أن هذه الشفاعة المدخرة لا ينبغي أن تفهم فهما خاطئا فيتصور البعض أن بإمكانه التهاون بالواجبات والتساهل في المحرمات طمعا في الشفاعة.
وهذه الدراسة قد تكفلت بإيضاح الأدلة على الشفاعة، وبمناقشة ما أثير حولها من شبهات بأسلوب علمي مناسب، وقدمت معالجة دقيقة، نرجو الله تعالى أن ينفع بها.
والله المسدد للصواب مركز الرسالة