النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت، أو شسع نعل كان له، أو قلامة ظفر، أو شقفة من إناء شرب فيه؟
فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك، أكنت تعده مبذرا أو سفيها؟!
كلا.. فأبذل مالك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده، والسلام عليه عند حجرته في بلده، وتملا بالحلول في روضته ومقعده، فلن تكون مؤمنا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم. وقبل حجرا مكرما نزل من الجنة، وضع فمك لاثما مكانا قبله سيد البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر، ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الحجر ثم قبل محجنه، لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل، ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.
قال: وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ بيده فقبلها، ويقول: يد مستها يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فنقول نحن إذا فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم لاثما له.. فإذا فاتك الحج، وتلقيت الوفد فالتزم الحاج وقبل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبله خليلي صلى الله عليه وآله وسلم (1).
وفي كلام الذهبي هذا تعريض واضح بابن تيمية وأتباعه، وهو يحث على شد الرحال لزيارة قبره، وبذل الأموال من أجل ذلك، بل من أجل الحصول على شيء من آثاره، ولو شسع نعل كان له.
وخلاصة القول: إن التبرك بمس قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنبره وآثاره أمر معروف