رحمك الله يا أبا محمد، فلئن عزت حياتك، فلقد هدت وفاتك، ولنعم الروح روح ضمه بدنك، ولنعم البدن بدن ضمه كفنك، وكيف لا يكون كذلك وأنت بقية ولد الأنبياء، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، غذتك أكف الحق، وربيت في حجر الاسلام، فطبت حيا وطبت ميتا، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك، ولا شاكة في الخيار لك (1).
8 - أبو أيوب الأنصاري يزور قبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:
اتفق الحاكم والذهبي على صحة الخبر المروي في زيارة أبي أيوب الأنصاري قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيام ولاية مروان على المدينة، أي قبل سنة 64 ه، إذ أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر، فأخذ مروان برقبته، ثم قال:
هل تدري ما تصنع؟
فأقبل عليه، فإذا أبو أيوب الأنصاري، فقال: نعم، إني لم آت الحجر، إنما جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله (2).
وفيه أكثر من دلالة:
الأولى: إن علماء الصحابة وأجلائهم كانوا يعرفون صحة الزيارة، ويستحبونها، وهو ما صرح به الترمذي في تعليقته المشار إليها، وستأتي بنصها الكامل لاحقا.