الدجال ويأجوج ومأجوج وما أشبه ذلك إشارة إلى ظهور الشر، فهذه أقوال فاسدة، بل باطلة في الحقيقة، لا ينبغي أن تذكر، فأهلها قد حادوا عن الصواب، وقالوا أمرا منكرا وأمرا خطيرا لا وجه له في الشرع، ولا وجه له في الأثر ولا في النظر.
قال: والواجب تلقي ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالقبول، والإيمان التام به والتسليم، فمتى صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز لأحد أن يعارضه برأيه واجتهاده، بل يجب التسليم كما قال الله عز وجل:
﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ (1) وقد أخبر صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الأمر عن الدجال، وعن المهدي، وعن عيسى بن مريم، ووجب تلقي ما قاله بالقبول والإيمان بذلك، والحذر من تحكيم الرأي والتقليد الأعمى الذي يضر صاحبه ولا ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة (2).
ولا يسع المقام لاستقصاء كلام الأئمة والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام، والتحذير من إنكار شأنه، لكن في ما حكينا لك مقنع وكفاية إن شاء الله تعالى، والله الهادي إلى سواء السبيل.
* * * * * * الباب الثالث في ذكر طرف من الوجوه الفارقة بين المهدي المنتظر وبين المسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام إعلم رحمك الله أن هذا الباب هو المقصود بالأصالة، والداعي إلى جمع هذه الرسالة، وأن ما تقدم إنما هو كالتمهيد له، فنقول وبالله نستعين:
قد مر عليك آنفا قول العلامة السفاريني: إن الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى.
إذا تقرر هذا فاعلم: أن المتأمل في الأحاديث النبوية، والآثار المروية تظهر له فروق شتى بين خروج المهدي المنتظر آخر الزمان، وبين المسيح عيسى بن مريم صلى الله على نبينا وآله وعليه وسلم.
1 فمنها: ما ورد في الأحاديث المستفيضة من كون المهدي من هذه الأمة، وأنه من ولد فاطمة عليها الصلاة والسلام، وأنه من ذرية الحسين السبط الشهيد عليه السلام.
ولا ريب أن ابن مريم عليه السلام ليس من هذه الأمة المرحومة، بل هو من أنبياء بني إسرائيل، ولا هو من ولد فاطمة صلوات الله وسلامه عليه وعليها، بل هو ابن مريم العذراء، ليس له أب فضلا عن كونه من ذرية الحسين عليه الصلاة والسلام، وهذا مما أطبق عليه بنو آدم أبد الآبدين، وهو من أعظم