إليه في المنام أن يذبحه، فلم يتردد إسماعيل (عليه السلام) - فيما يوحي به النص القرآني -: * (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) * (الصافات 37: 102).
وهذا الموقف الإسماعيلي المشرف، لم ينطلق من فراغ، بل كان نتيجة طبيعية للتربية الإبراهيمية، إذ تمكن إبراهيم (عليه السلام) من عزل ولده الوحيد عن ضغوط بيئته المنحرفة، ولعل الأهم من ذلك أن هاجر - أم إسماعيل - كانت امرأة مؤمنة صالحة، هاجرت مع أبيه وتحملت معه معاناة الجوع والعطش والغربة، عندما تركها إبراهيم (عليه السلام) في واد غير ذي زرع، فكانت صابرة محتسبة، زرعت في ولدها بذور الحب والطاعة لوالده ولرسالته.
وعلى ضوء الهدى القرآني، كانت تركز مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في توجهاتها التربوية والاجتماعية، على أهمية ووجوب التفحص والتثبت عند اختيار الزوجة، وأن ينظر الأب نظرة بعيدة الأفق يراعي بها حق أولاده في الانتساب إلى أم صالحة، ولا ينظر بعين واحدة فيركز عند الاختيار على مالها أو جمالها أو حسبها فحسب.
وصفوة القول: إن على الرجل أن يختار لنطفته المرأة المتدينة، فيفرزها عن غيرها، ويستخلصها لنفسه كما تستخلص الزبدة من ماء المخيض. ومن هنا أكد الإمام الصادق (عليه السلام) على ذلك بقوله: " تجب للولد على والده، ثلاث خصال: اختيار والدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في