و (عين الشرك) من جهة أخرى، فعندما لا نعتقد بأي استقلال لهذه الأسباب - عند تشبثنا بها - ولا نعتبر تأثيرها في مصاف الإرادة الإلهية وفي عرضها بل نعتقد بأنها تقع في ضمن السلسلة التي تنتهي - بالمآل - إلى الله، فلا نخرج عن إطار التوحيد.
وليس في (الفكر التوحيدي) من مناص إلا الاعتقاد بمثل هذا الأمر وعلى هذا النمط.
أما عندما نرى لهذه الأسباب والعلل استقلالا، ونعتقد بإمكان تأثيرها بمعزل عن الإرادة الإلهية، لا بنحو التبعية ففي هذه الصورة سنكون معتقدين بخالقين، ومؤثرين!!
إن على الموحد أن يحافظ على الاعتقاد بوجود قانون (العلية والسببية) الحاكم في الظواهر الطبيعية، وإن هذه الأسباب والعلل لا تملك استقلالا في تأثيرها مطلقا بل هي مفتقرة إلى الله في تأثيرها كما في وجودها وبقائها.
إن الموحد رغم أنه يعرف هذه الحياة ويتعامل معها على أساس أنها خاضعة لنظام العلية إلا أنه ينظر إلى هذه العلل على أساس أن وجودها وبقاءها وتأثيرها من الله.
فالسبب الأول هو الله سبحانه، وأما الأسباب الأخرى فهي مخلوقة له خاضعة لإرادته واقعة في طول مشيئته لا في عرضها.
إن الفارق الأساسي بين الموحد والمادي يكمن في هذا المقام.
فالثاني يعتقد ب " أصالة العلل المادية واستقلالها في التأثير " في حين يسندها الموحد إلى الله خالق كل شئ، مع أنه يعترف بقانون العلية الحاكم في هذا الكون.