التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٢٥
- 2 - هل عادية السبب وغير العادية ملاك التوحيد والشرك؟
ذهب بعض المتصوفة والدراويش في وصف أقطابهم وشيوخ طرقهم إلى حد الشرك، كما هو ظاهر، وبذلك هدموا حدود التوحيد والشرك وتجاوزوا معاييرهما، ويبدو هذا الأمر - بجلاء - من الأبيات التي مجد بها القوم مشايخهم حيث تفوح من أكثرها رائحة الشرك الجلي فضلا عن الخفي، تلك الأبيات التي لا تنسجم مع أسس (التوحيد القرآني) بحال، وإن كان بعضهم يحاول أن يجد لتلك الأبيات والكلمات محامل بمنأى عن الشرك، ولكن الحق هو أن الموحد لا ينبغي له، بل ولا يجوز، أن يجري على لسانه كلاما غير منسجم مع (التوحيد الإسلامي القرآني) الجلي الملامح، الواضح الطريق. نعم لا يعم ذلك جميع المتصوفة بل بعضهم.
ولقد كانت نظرة هذه الفرقة إلى مفهوم الشرك نظرة خاصة وشاذة جدا، حيث راحت تعد الكثير من أنواع الشرك القطعي بأنه (عين التوحيد)!! وبذلك ضيقوا (دائرة الشرك) أيما تضييق!!
في مقابل هذه الفرقة - تماما - وقف الوهابيون، فهم توسعوا في فهم حقيقة الشرك وإطلاقه، توسعا يكاد يشمل كل حركة وسكون وكل تصرف يصدر من أهل التوحيد تجاه أولياء الله بهدف الاحترام والتكريم حيث اعتبره الوهابيون عين
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»