ومن هذا اتضح ضعف ما افاده ابن تيمية إذ قال:
" كل من غلا في نبي، أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يقول:
يا سيدي فلان انصرني أو أغثني... فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب، وإلا قتل " (1).
إذا كانت الاستغاثة ب " الأرواح المقدسة " أو (الأموات) حسب تعبير الوهابيين ملازمة لنوع من الاعتقاد بإلوهية تلك الأرواح، إذا يلزم أن تكون الاستغاثة بأي شخص - أعم من الحي والميت - ملازمة لمثل هذا الاعتقاد لأن حياة المستغاث ومماته حد لجدوائية الاستغاثة ولا جدوائيتها، لا أنها حد التوحيد وللشرك في حين أن الاستغاثة بالحي يعد من أشد ضروريات الحياة الاجتماعية البشرية، ومما به قوامها.
وإليك فيما يلي نبذة أخرى من كلام ابن تيمية في هذا الصدد فهو يقول:
" والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو تنزل المطر وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم، أو يعبدون صورهم يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، أو هؤلاء شفعاؤنا " (2).
إن قياس الاستغاثة بأولياء الله بما كان يقوم به المسيحيون والوثنيون ابتعاد عن الموضوعية، لأن المسيحيين كانوا يعتقدون، في حق المسيح بنوع من الألوهية، وكان الوثنيون يعتقدون بأن الأوثان تملك بنفسها مقام الشفاعة، بل كان بعضهم - على ما نقل عن ابن هشام - يعتقد بأنها متصرفة في الكون، ومرسلة الأمطار - على الأقل - ولأجل هذا الاعتقاد كان طلبهم واستغاثتهم بالمسيح وبتلك الأوثان عبادة لها.