التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٨٣
الألباب وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعييت (1) البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله أو ينعت بكنهه، أو يفهم شيء من أمره، أو يوجد من يقام مقامه، ويغني غناه، لا، كيف وأنى وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين.
أقول: ويؤيد قول الإمام الرضا (ع) من معرفة الإمام قد ضلت عنها العقول وتاهت الحلوم، وأنه لا يوصف بكله ولا ينعت بكنهه... الخ، ويؤيده ما ورد عن جده رسول الله الصادق بقوله لعلي أمير المؤمنين: يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك يا علي إلا الله وأنا (2).

(1) عييت - هكذا وردت في النصوص ولعل الصحيح (عيت).
(2) حديث مشهور، والمراد من معرفة النبي (ص) وعلي بالله إنما هي أعلى معرفة ممكنة للمخلوقين، وإنهما عرفاه بحقيقة ذاته وكنهه فإن هذا مستحيل وغير حاصل لأي مخلوق مطلقا، ومن هنا جاء عن النبي (ص) قوله في بعض مناجاته: سبحانك ما عرفناك حق معرفتك، وقوله (ص): سبحان من لا يعلم كيف هو إلا هو، ولقد أجاد ابن أبي الحديد حيث يقول: = علموا ولا جبريل وهو إلى محل القدس يصعد من كنه ذاتك غير انك أوحدي الذات سرمد من أنت يا أرسطو ومن أفلاطون قبلك يا ملبد ما أنتم إلا الفراش رأى السراج وقد توقد ولو اهتدى رشدا لا بعد.
= والله لا موسى ولا عيسى المسيح ولا محمد كلا ولا النفس البسيطة لا ولا العقل المجرد وجدوا إضافات وسلبا والحقيقة ليس توجد ومن ابن سينا حين قرر ما بناه له وشيد فدنا فاحرق نفسه.
(1) الدحض: الزلق.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»