التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٦٢
وينقل عن أمير المؤمنين (ع) انه قال لولده الحسن: إعلم يا بني انه لا تموت نفس في شرق الأرض وغربها إلا وأبوك حاضرها (1).
وقال (ع) للحارث الهمداني وكان من خلص شيعته وأصحابه: يا حارث ابشر ليعرفني - والذي فلق الحبة وبرأ النسمة - وليي وعدوي في مواطن شتى عند الممات وعند الصراط وعند الحوض وعند المقاسمة، فقال الحارث: يا أمير المؤمنين وما المقاسمة؟ فقال (ع): مقاسمة النار أقاسمها قسمة صحاحا، أقول هذا ولي وهذا عدوي (2).
وإلى هذا يشير السيد الحميري حيث يقول:
كم ثم أعجوبة له حملا من مؤمن أو منافق قبلا بنعته واسمه وما عملا (3) فلا تخف عثرة ولا زللا تخاله في الحلاوة العسلا دعيه لا تقربي الرجلا حبلا بحبل الوصي متصلا أعطاني الله فيهم الأملا (4).
قول علي لحارث عجب يا حار همدان من يمت يرني يعرفني طرفه وأعرفه وأنت عند الصراط تعرفني أسقيك من بارد على ظمأ أقول للنار حين توقد للعرض دعيه لا تقربيه إن له هذا لنا شيعة وشيعتنا.

(١) هذا الحديث لم استحضر له مصدرا في الحال وقد سمعته من بعض الخطباء وهو مؤيد بأحاديث أخرى كثيرة مما ذكرنا، ومما يأتي ومما لم نذكره، ومؤيد بالأدلة العلمية كما سيأتي.
(٢) حديث أمير المؤمنين ~ مع الحارث الهمداني من الأحاديث المهمة، وهو حديث طويل ويشتمل على فوائد جمة، وقد ذكرناه في كتابنا (الشفاء الروحي والجسمي في القرآن) ص ٧١ - ٧٥، ويرويه الشيخ الطوسي في (أماليه) ج ٢ ص ٢٦٨ والطبري من علماء الإمامية في (بشارة المصطفى) ص ٤ ونقله المجلسي في (البحار) ج ٦ ص ١٧٨ عن كل من مجالس المفيد وأمالي الشيخ، ورواه الأربلي في (كشف الغمة) ج ٢ ص ٣٠٧ ونقله عن كتاب (المحتضر) ص ٢٩ للشيخ حسن بن سليمان، ويرويه المفيد في (أوائل المقالات) ص ٨٩.
(٣) كون علي ~ يعرف من يحضره عند الاحتضار - من مؤمن وكافر ومنافق - باسمه ونعته " أي صفته " وعمله لم يكن قول الشاعر مغال أو وهمي أو خيالي بل هو الواقع المدعم بالأدلة، راجع كتابنا هذا (الطريق الثاني من ينابيع علم الأئمة عرض صحائف الأعمال).
(٤) قد نسب بعض هذه الأبيات إلى أمير المؤمنين بعض المفسرين كعلي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " [حم، فصلت / ٣١] ج ٢ ص ٢٢٦ ونقله عنه المجلسي في (البحار) ج ٦ ص ١٨١، والطبرسي في (مجمع البيان) ج ٢ ص ١٣٨ وكذا الشيخ المفيد في (أوائل المقالات) ص 89 ط الثالثة، وابن أبي الحديد في (شرح النهج)، ولكن الظاهر انه اشتباه، لأن الأبيات للسيد الحميري وقد نظم فيها بعض ما قاله أمير المؤمنين ~ في حديثه للحارث الهمداني وكل من ذكر حديثه ~ للحارث ذكر الأبيات للسيد الحميري كالشيخ الطوسي في (الأمالي)، والمجلسي، والمفيد، والأربلي.
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»