أمية - وكان من أزجر أهل الجاهلية - أي أكثرهم معرفة بالكهانة والقيافة، قال: انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها، ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شيء وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر قد حدث، وأصبحت الأصنام كلها - صبيحة ولد النبي (ص) - وليس منها صنم إلا وهو منكب على وجهه، وارتجس (1) - في تلك الليلة - إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وغاضت بحيرة ساوة، أي غار ماؤها وذهب، وفاض وادي السماوة، " وهي فلاة بالبادية تتصل بالشام، فاض الماء فيها " وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى الموبذان - " وهو فقيه الفرس وحاكم المجوس " في تلك الليلة في المنام - إبلا صعابا تقود خيلا عربا " أي خيلا كرائما سالمة " قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم " أي دخلت في بلادهم " وأنقصم طاق كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، " أي ان كسرى كان قد بنى على دجلة بناء (سدا) وطم بعضها فانخرق ذلك البناء (أي السد) ودخلت دجلة عليه "، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا وأصبح منكوسا، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش وسموا آل الله عز وجل، قال أبو عبد الله الصادق (ع): إنما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام.
(١٧٨)