التحقيق في الإمامة و شؤونها - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٧٥
الراسيات الصم الشامخات، وتقف له الطيور السارحات والغاديات والرائحات وتجاوبه بأنواع اللغات (1).
عدم تساوي آثار الإدراك والشعور في المخلوقات الجهة الثالثة هي ان الإدراك والشعور لم يكونا على سنخ واحد حتى تتشابه آثارهما المترشحة منهما وتكون متساوية، بل هما مختلفان باختلاف أربابهما، ولذلك تكون آثارهما مختلفة بحسب خلقة ذوي الشعور والإدراك، كما يقرر ذلك بعض الحكماء مثل الشيرازي حيث يقول في كتابه (الأسفار) في علم الحكمة:
إن هذا الوجود كله حي، ولا معنى للوجود بغير حياة، وان الحياة على مقدار اشراق أنوار الوجود الأعلى على المخلوق فللإنسان وللحيوان وللنبات حياة، أي هناك نوعا من الشعور، وهكذا الجماد له من الشعور أقل، لأنه أفيض عليه من الحي (2).
وعلى كل للنبات وسائر الأنواع الطبيعية المعبر عنها بالجماد آثار عجيبة متقنة ومشهودة في عالمنا هذا مناسبة لخلقها، مثلا نرى النبات ينمو في الجبال الصخرية، في حين لا يمكن للنبات ان يخترق الصخور، فالله سبحانه يجعل له من الإدراك والشعور في أن يسير إلى جهات لا تحجبه الصخور من النمو، وإذا علا نبات وكان، فوقه حاجب

(1) راجع (تفسير ابن كثير) ج 3 ص 526.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»